أيمن غريب: ناشط فلسطيني يوثق جرائم الاستيطان في الأغوار
يواجه الناشط الفلسطيني أيمن غريب (42 عاماً) من بلدة طمون في الضفة الغربية اعتقالاً إدارياً لمدة ستة أشهر، بعد عقدين من العمل الدؤوب في توثيق انتهاكات المستوطنين الصهاينة في منطقة الأغوار الشمالية.
مسيرة توثيق تثير غضب المستوطنين
اكتسب غريب شهرة واسعة بين النشطاء والصحفيين لمعرفته الدقيقة بجغرافية الأغوار، من مسافر يطا جنوباً إلى بيسان شمالاً. وقد مكنته هذه المعرفة من الوصول السريع إلى المناطق المعرضة للخطر وتوثيق الانتهاكات فور وقوعها بالصوت والصورة والبث المباشر.
أزعج نشاط غريب المستوطنين الصهاينة الذين حرضوا عليه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة على صفحة وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، حيث طالب بعضهم بـ"إرسال غريب إلى غزة أو قتله بدلاً من سجنه".
صوت المجتمعات المهمشة
يقول شقيقه بلال إن أيمن كان ينشر باللغتين العربية والإنجليزية لرفع مستوى الوعي المحلي والعالمي بخطورة الاعتداءات المستمرة، وكان يوصل صوت المجتمعات المهمشة التي غالباً ما يتم تجاهل معاناتها أو ترحيلها بصمت.
وأكد بلال أن شقيقه تعرض لملاحقات مستمرة نتيجة عمله في المناطق الحساسة، حيث كان يتم احتجازه لساعات طويلة عند المرور بالحواجز العسكرية، فضلاً عن تعرضه لإطلاق النار من قبل المستوطنين.
تفاصيل الاعتقال والتعذيب
اعتُقل غريب في 17 نوفمبر الماضي بعد أسبوع من احتفاله بعيد ميلاد طفلته "رينا" الأول، بعد أن احتجزه المستوطنون بشكل غير قانوني في بلدة فصايل بالأغوار.
وكشف بلال عن تفاصيل مؤلمة للأيام الثلاثة الأولى من الاعتقال، حيث احتُجز أيمن سراً في قاعدة سمرة العسكرية، وهو معسكر تدريبي يفتقر لأدنى مقومات الاعتقال. هناك تُرك في العراء مكبل اليدين، يعاني من البرد والحرمان من الطعام، وتعرض لضرب مبرح استدعى نقله إلى مستشفى إسرائيلي مرتين.
شهادات على دوره المحوري
يصف الصحفي حافظ أبو صبرة الناشط المعتقل بأنه "العنوان الأول والأساسي" لأي صحفي يرغب في إعداد مواد إعلامية عن منطقة الأغوار، مؤكداً أن ما ميز أيمن هو مبادرته الدائمة في جلب الكاميرات إلى قلب الحدث.
وأشار أبو صبرة إلى أن غريب لم يكتفِ بالدور التنسيقي، بل كان مضيفاً ورفيقاً للصحفيين، يفتح لهم بيته لأيام طويلة، ويوفر لهم كافة احتياجاتهم لضمان وصول صوت الشعب الفلسطيني إلى العالم.
استهداف ممنهج للموثقين
يؤكد مدير النشر والتوثيق في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أمير داود أن واقع التوثيق الميداني يمر بضغوط غير مسبوقة، نتيجة تحول اعتداءات المستوطنين لتصبح أكثر تنظيماً واعتماداً على المجموعات شبه العسكرية.
وأشار داود إلى تصاعد ممنهج في استهداف الموثقين والنشطاء الميدانيين، حيث انتقل المستوطنون وقوات الاحتلال من الترهيب اللفظي إلى الاعتداء الجسدي والخطف المؤقت ومصادرة الهواتف وصولاً إلى الاعتقالات المباشرة.
ويرى داود أن هذا السلوك محاولة لفرض "منطقة عمياء" في المناطق الساخنة، لأن الاحتلال يدرك أن التوثيق هو الحلقة الأهم في كشف جرائمه، مما جعل الموثقين جزءاً من دائرة الاستهداف المباشر.
وقال إن "الاحتلال يريد ميداناً بلا كاميرات وبلا شهود، يريد جريمة تمشي على الأرض بلا معيقات ودون فضحها، وأيمن كان عقبة حقيقية أمام هذا الهدف".